لطالما كان العدس غذاءً أساسياً للإنسان منذ القدم. ينتمي هذا النبات إلى عائلة البقوليات نفسها التي تنتمي إليها البازلاء والفاصوليا. تُطهى بذوره بسرعة، وهو مصدر قليل الدسم وغير مكلف للبروتين والفيتامينات والمعادن والألياف. هناك أنواع عديدة من العدس، تختلف في اللون والشكل والقوام. دعونا نلقي نظرة فاحصة على ماهية العدس وفوائده الصحية.
التصنيف والوصف
العدس نباتٌ من الفصيلة البقولية. يُزرع منه نوعٌ واحدٌ فقط، وهو صالحٌ للأكل. وهو نباتٌ حوليٌّ ينمو في شجيراتٍ يتراوح ارتفاعها بين 30 و75 سم. أوراقه مركبة، ريشية، وبيضاوية.
أزهاره صغيرة ومتنوعة الألوان. بعد الإزهار، تتكون حبة فاصولياء ماسية الشكل، تحتوي على ما يصل إلى ثلاث بذور. تختلف ألوان هذه الحبوب البيضاوية الصغيرة باختلاف الصنف. للعدس فوائد عديدة، مما يجعله يُستخدم على نطاق واسع في الطهي. يمكن هرسه، أو قليه، أو طهيه، أو إضافته إلى الحساء.
أنواع العدس
يُصنف العدس حسب الحجم واللون وشكل البذرة. ويُصنف العدس حسب الحجم إلى صغير أو كبير البذور. كما يُمكن تصنيف العدس إلى كلاسيكي (أخضر وأحمر) أو متخصص (أسود وبني). يرتبط كل نوع من هذه الأنواع بأنواع عدس محددة. من بين أنواع العدس الأخضر الشائعة في روسيا: نوفايا لونا، وأوكتافا، وأنفيا، وغيرها.

العدس الأسود
العدس الأسود شائعٌ جدًا، ولكنه أيضًا الأغلى ثمنًا. عند طهيه، تُشبه حباته الكافيار الأسود، لكنها أفتح لونًا قليلًا. لهذا التشابه، يُطلق على هذا النوع اسم "بيلوجا". العدس صغير الحجم - قطره 2-3 مم. سطحه أملس ولامع. أزهاره أغمق من الأنواع الأخرى، وتتراوح ألوانها بين الوردي الداكن والأرجواني الفاتح.
يحتوي النبات على 35% بروتين. كما يحتوي على مادة تعمل كمضاد للأكسدة، مما يُعطي الثمرة لونها الأسود. طُوّر هذا الصنف في كندا، ولكنه الأكثر شيوعًا في الهند.

العدس الأحمر
هذا المحصول شائع في الدول الآسيوية. لونه الأحمر الباهت هو سبب تسميته أيضًا بالوردي. ثماره غير مغلفة، لذا تُطهى بسرعة كبيرة. إذا طُهيت لفترة أطول من اللازم، فقد تُفرط في الطهي. جميعها تقريبًا تحتوي على بذور صغيرة.
يحتوي هذا النبات على نسبة عالية من البروتين وفيتاميني أ و ب، بالإضافة إلى عناصر غذائية دقيقة أخرى. يُحسّن عملية الهضم، وله تأثير إيجابي على الجسم ككل.

العدس الأخضر
كما ذكرنا سابقًا، يُزرع العدس الأخضر بشكل رئيسي في روسيا. ويُسمى "العدس الطبقي" لأن بذوره مسطحة وتشبه الطبق. يتميز العدس بكبر حجمه وخضرته، ونادرًا ما توجد أنواع صغيرة البذور. يتراوح لونه بين الزيتوني والأخضر الداكن، وهو غني بالبروتين.

العدس الأصفر
يُزرع العدس الأصفر بشكل رئيسي في أوروبا وأمريكا وآسيا. ومع ذلك، فهو أكثر شيوعًا في الهند، حيث يُستخدم في تحضير طبق تقليدي يُسمى سامبار. يتميز بمؤشر جلايسيمي مرتفع يبلغ 30.
بعض الأصناف الخضراء (مثل إستون وليرد) لها قشرة خاصة. عند إزالتها، تكتسب الثمرة لونًا مصفرًا. مع ذلك، يتميز الصنف الأصفر بنكهة محايدة، بينما يتميز الصنف الأخضر بنكهة أكثر وضوحًا.
العدس الأصفر المكسيكي هو الأكثر شيوعًا. بذوره كبيرة جدًا، وعند طهيه، يتميز بنكهة جوزية ورائحة زكية. كما يُعدّ العدس ذو القلب الأحمر شائعًا أيضًا.

العدس البني
هذا هو النوع الأكثر انتشارًا من هذا النبات في العالم. زراعته سهلة، ولذلك يُزرع في العديد من البلدان.
أشهر أنواع العدس البني هو باردينا. ويُسمى أيضًا "المُبَقَّط" لاختلاف ألوان العدس - بعضها أغمق قليلًا، والبعض الآخر أفتح. يُستخدم في صنع الحساء والعصيدة. بذوره صلبة جدًا ولا تُطهى أكثر من اللازم، لذا تُستخدم في التعليب.
طُوِّر هذا الصنف في إسبانيا، ولكنه انتشر عالميًا. يتميز بقشرة رقيقة وصلابة نسبية، فلا يتفتت عند طهيه. مع ذلك، يُفضَّل نقع البذور في ماء بارد لعدة ساعات قبل الطهي. هذا هو الصنف الوحيد الذي يتطلب النقع.

الخصائص المفيدة للنبات
يحتوي العدس على ما يصل إلى 35% من البروتين، وهو ما يُضاهي اللحوم ومنتجات الألبان. وتشمل العناصر الغذائية الأخرى الموليبدينوم، وحمض الفوليك، والتريبتوفان، والمنجنيز، والحديد، والفوسفور، والنحاس، وفيتامين ب1، والبوتاسيوم.
يُعدّ العدس أيضًا مصدرًا للمواد الكيميائية النباتية والفينولات. يُقارن العدس غالبًا باللحوم نظرًا لقيمته الغذائية، مما يجعله شائعًا بين النباتيين. بذوره لا تتراكم فيها السموم والمبيدات الحشرية، لذا فإن لها آثارًا إيجابية فقط على الجسم.

يتمتع النبات بالخصائص المفيدة التالية:
- يدعم وظائف الجهاز العصبي المركزي. تحتوي 100 غرام من البذور المطبوخة على 358 ميكروغرامًا من حمض الفوليك، أي ما يقارب 100% من الاحتياجات اليومية لهذا الفيتامين. يساعد هذا الفيتامين على الوقاية من العيوب الخلقية لدى حديثي الولادة.
- يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم. تحافظ الألياف على ثبات مستويات السكر في الدم.
- يُحسّن محتواه من الألياف عملية الهضم. يتراوح مؤشره الجلايسيمي بين 18 و45، مما يجعله آمنًا لمرضى السكري. كما أنه يُزيل السموم من الجسم، مما يجعله مناسبًا للاستخدام بعد التسمم الغذائي.
- يُقوي العدس القلب. فهو مصدر جيد للمغنيسيوم، الضروري لاستعادة صحة عضلة القلب والدورة الدموية. كما يُزود تناول العدس الجسم بمضادات الأكسدة، مما يُقلل من خطر الإصابة بأمراض تصلب الشرايين. كما أنه يمنع تلف الخلايا والجينات، ويُبطئ عملية الشيخوخة.
- تناول البقوليات يُساعد في الوقاية من السرطان. أظهرت الأبحاث أن الليكتينات النباتية، وهي أنواع مختلفة من البروتين النباتي الموجود في العدس، لها تأثير كبير في تحييد الخلايا السرطانية. تُحفز الليكتينات السمية الخلوية وموت الخلايا المبرمج، مما يعني أن لديها قدرة عالية على موت الخلايا السرطانية.
- يعمل النبات على تسريع عملية التمثيل الغذائي، مما يجعله إضافة ممتازة لنظامك الغذائي.
يمكن دمج العدس مع مجموعة متنوعة من الأطعمة، لذا تتعدد وصفات تحضيره. فهو يحتوي على كربوهيدرات بطيئة الهضم، مما يجعله إضافة رائعة لنظامك الغذائي أثناء إنقاص الوزن.

حديد
العدس مصدر ممتاز للحديد. الحديد عنصر أساسي في الهيموغلوبين، الذي يحمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء. وفي شكل آخر، يُسمى الميوغلوبين، يُخزّن الحديد الأكسجين في العضلات، مما يُتيح لنا مخزونًا إضافيًا جاهزًا لدعم عضلاتنا عند زيادة مستويات النشاط.
يحتاج الجهاز المناعي أيضًا إلى الحديد، الذي يدعم نمو خلايا الدم البيضاء ويعمل كعامل مؤكسد. وتساعد هذه العناصر بدورها على تخليق الجذور الحرة، التي تستخدمها خلايا الدم البيضاء للقضاء على مسببات الأمراض الغازية. تحتوي حصة واحدة من العدس على حوالي 1 ملغ من الحديد، أي ما يعادل 37.5% من القيمة اليومية.
الفيتامينات
تحتوي 100 غرام من العدس المطبوخ على حوالي 20% من القيمة اليومية من البوتاسيوم والزنك والمغنيسيوم وفيتامين ب6، بالإضافة إلى 20 غرامًا من البروتين. لا يحتوي العدس على بروتين كامل، إذ يفتقر إلى حمضين أمينيين أساسيين: الميثيونين والسيستين. ومع ذلك، فهو مصدر ممتاز لليسين، وهو حمض أميني يشارك في تكوين السيروتونين، هرمون السعادة.

تحتوي البذور أيضًا على فيتامينات مختلفة:
- ب- له تأثير إيجابي على عمل الجهاز العصبي والكلى.
- ب- يُنظّم عملية الأيض في الجسم، ويُحسّن حالة البشرة والشعر والأظافر.
- حمض الفوليك (B9). يُعدّ هذا الفيتامين من المغذيات الدقيقة المهمة جدًا، خاصةً للأطفال. فهو ضروري لنمو نخاع العظم. يحتوي النبات على الكمية اليومية اللازمة من هذا الفيتامين.
- حمض النيكوتينيك. يُشارك في عمليات الأيض، ويُنظّم تكوين الدم، ويُخفّض مستويات الكوليسترول.
علاوة على ذلك، يُعدّ النبات مصدرًا للإلكتروليتات. يُعدّ البوتاسيوم من أهمّ الإلكتروليتات في جسم الإنسان، إلى جانب الكالسيوم والفوسفور والمغنيسيوم والصوديوم. يُعدّ البوتاسيوم، باعتباره إلكتروليتًا، ضروريًا لسلامة جميع خلايا وأنسجة وأعضاء الجسم. كما يُساعد هذا العنصر على تنظيم كمية الماء في الجسم والحفاظ على مستويات حموضة الدم المناسبة.
يُنصح بتناول العدس للأطفال. بفضل غناه بالعناصر المفيدة، يُعزز العدس مناعة الأطفال، مما يجعله وقاية ممتازة من أمراض مختلفة.
فيتويستروجين
يحتوي العدس على كمية كبيرة من الفيتوإستروجينات، وهي مركبات نباتية تشبه في تركيبها الإستراديول. لذلك، قد يُحدث تناوله تأثيرًا إستروجينيًا، إذ يُقلل من خطر الإصابة بالأورام ويُخفف أعراض انقطاع الطمث. يحتوي العدس الأخضر والبرتقالي والبني على أعلى مستويات الفيتوإستروجينات، بينما يحتوي العدس الأسود على كمية أقل بقليل.
محتوى السعرات الحرارية في العدس
تحتوي الفاصوليا الخضراء المجففة على سعرات حرارية أكثر من الفاصوليا المطبوخة، بما يقارب 300 سعرة حرارية. تحتوي 100 غرام من الفاصوليا الخضراء المطبوخة على ما يقارب 120 سعرة حرارية وكمية صغيرة من الدهون، مما يساعد في الحفاظ على وزن صحي.
يحتوي العدس الأحمر على حوالي ١٠٠ سعرة حرارية لكل ١٠٠ غرام، والعدس الأصفر والبني ١٠٥ سعرات حرارية، والعدس الأسود ١١٠ سعرات حرارية. مع ذلك، عند طهيه مع مكونات أخرى، سيتغير محتوى السعرات الحرارية في الطبق. لذلك، من المهم مراعاة محتوى السعرات الحرارية في المكونات الأخرى عند تحضير الطبق.
الضرر وموانع الاستعمال
العدس غني ومغذٍّ، مما يجعله خيارًا آمنًا للبالغين والأطفال وكبار السن، وحتى الحوامل. مع ذلك، قد يكون تناوله ضارًا في بعض الحالات. إليك بعض موانع الاستعمال:
- اضطراب استقلاب البيورين. تحتوي بذور النبات على كميات كبيرة من هذه المواد. تناول العدس مع اضطراب استقلاب البيورين قد يؤدي إلى الإصابة بالنقرس.
- أمراض الكلى. تحتوي البذور على كمية كبيرة من البروتين. قد يؤدي تناولها لفترة طويلة إلى تلف ظهارة الأنابيب الكلوية. كما تحتوي على مركبات الأوكسالات، التي تترسب على سطح الكلى وتؤدي إلى تكوّن حصوات الكلى.
- انتفاخ البطن. تتشكل الغازات عند هضم البقوليات بواسطة إنزيمات موجودة في الأمعاء. يؤدي تناول البقوليات بانتظام إلى انتفاخ مستمر.
لذلك، لا يُنصح بتناول العدس يوميًا. مع ذلك، يُمكن أن يكون إضافة ممتازة لنظامك الغذائي.

الاستخدامات الطهوية
يُصنّف العدس إلى صغير وكبير البذور. وتُعد الأنواع صغيرة البذور أكثر شيوعًا نظرًا لطعمها الرائع. ولكل نوع من النباتات استخداماته المطبخية الخاصة:
- العدس البني متماسك بما يكفي للحفاظ على قوامه من التفتت. يُستخدم في الحساء واليخنات والسلطات. يتميز بنكهة جوزية.
- تُطهى البذور الصفراء بسرعة كبيرة. لذلك، تُضاف إلى الحساء والعصيدة واليخنات. تتميز هذه الفاكهة بنكهة محايدة.
- العدس الأخضر سهل الطهي دون الإفراط في الطهي. يُضاف إلى السلطات أو يُستخدم كطبق جانبي. يتميز بنكهة جوزية وفطرية لذيذة.
- يستخدم حبوب الشعير الأحمر على نطاق واسع في المطبخ الآسيوي.
- للبذور السوداء طعم لاذع، ويتغير لونها قليلاً عند طهيها.
تُستخدم بذورها أيضًا في صنع الدقيق، الذي يُستخدم بدوره في صنع الخبز. كما تُصنع منها مشروبات لذيذة تُذكرنا بالقهوة.

كيفية سلق العدس
يعتمد وقت طهي العدس على نوعه. العدس البني ينضج أسرع في ٢٠ دقيقة، والعدس الأحمر ٣٠ دقيقة، والعدس الأخضر حوالي ٤٠ دقيقة.
يتضاعف حجم الحبوب ثلاث مرات أثناء الطهي. يمكن طهيها بشكل دائري أو مقطع. يُضاف هذا الأخير عادةً إلى الحساء، بينما تُصنع عصيدة لذيذة من الحبوب الكاملة.
يُطهى عادةً في قدر. للقيام بذلك:
- صبّ الماء البارد على البذور واتركها لبضع دقائق، ثم صفّها.
- ضع العدس في قدر. أضف الماء بنسبة جزء واحد من البذور إلى جزئين من السائل.
- اغليها وأضيفي القليل من الزيت النباتي. سيساعد ذلك على طراوة العدس بعد الطهي.
- اطهيها على نار هادئة لمدة 20-40 دقيقة مع التحريك بانتظام.
- قبل دقائق من نضج العصيدة، أضيفي الملح والتوابل حسب الرغبة. يمكنكِ تتبيل العصيدة بالبقدونس.

يمكنكِ أيضًا طهي البذور في قدر طهي بطيء أو في الميكروويف. تُستخدم نفس المكونات. يتميز الميكروويف بتليين البذور في غضون دقائق. في هذه الحالة، اطبخيها مع فتح الغطاء واستخدمي أدوات آمنة للاستخدام في الميكروويف.
كيفية تخزين العدس
يمكن تخزين بذور العدس لفترة طويلة دون أن تفقد نكهتها. مع ذلك، تصبح أكثر صلابة مع مرور الوقت، مما يتطلب وقت طهي أطول. في هذه الحالة، اطبخها حتى تصبح طرية.

لا يُنصح بتخزين بذور العدس لأكثر من سنة ونصف. يُفضل حفظها في مكان مظلم أو في مرطبانات داكنة. التعرض للضوء يُتلف قشرتها، مما يُؤدي إلى شحوبها. إذا تجاوزت رطوبة الغرفة 15%، فلا يُحفظ العدس في أكياس بلاستيكية. سيتكثف الماء عليها، مما يُسبب تلف البذور بسرعة.
إذا أصبح سطح الثمرة داكنًا أو شاحبًا أو له رائحة عفن كريهة، فلا ينصح بتناولها.
يُحفظ العدس المطبوخ في الثلاجة في وعاء محكم الإغلاق لمدة لا تزيد عن خمسة أيام. لا يُنصح بتخزينه في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ١٢ ساعة. يمكن أن يدوم تجميده لفترة أطول - تصل إلى ستة أشهر. قد يتغير قوامه بعد إذابته، لكن نكهته ستبقى كما هي.











