هل الذرة خضار أم فاكهة؟ للإجابة على هذا السؤال، عليك معرفة وصفها البيولوجي، ونوعها، وبنية هذا النبات الحولي الطويل. من الخطأ اعتبارها خضارًا، لكنها ليست فاكهة أيضًا. صحيح أن لبها العصير والحلو يحتوي على كمية كبيرة من العناصر الدقيقة والمغذيات، لكن علماء النبات قدموا منذ زمن طويل إجابة قاطعة.
السؤال الأصح هو: هل الذرة خضارٌ كثير العصارة أم حبوب؟ الإجابة الصحيحة هي، بالطبع، حبوب. تكون حبات الذرة الصغيرة على الكوز في البداية طريةً وعصيرية، ولكن مع نضجها، تصبح صلبة كالزجاج. تشبه البذور القمح أو غيره من الحبوب في مظهرها. سبب آخر لهذه الإجابة هو بنية النبات، مما يدل بوضوح على أن الذرة لا يمكن أن تكون خضارًا بحكم التعريف.

الخضروات مغطاة بقشرة بداخلها لب يحتوي على بذور، وفي الحبوب تنبت البذور على السنابل وهي البذور التي تستعمل كغذاء.
ما هو الذرة؟
نبات صحي ولذيذ وصلت الذرة إلى روسيا من القارة الأمريكية. يُضاهي الشوفان والجاودار من حيث الألياف والعناصر الغذائية الأخرى، ويشبه طعمه القمح، مع أنه يبدو كحبوب مختلفة.
وهو نبات عشبي سنوي طويل القامة، تتشكل على جذعه عدة صفوف من الكيزان، وتحمي أوراقها الحبوب من الآفات والطيور والظواهر الجوية.
يمكن أن يصل ارتفاع بعض الأنواع إلى 3 أمتار. تُستخدم جميع أجزاء النبات تقريبًا في الغذاء والدواء ومستحضرات التجميل.
تاريخ المنشأ
اسم آخر لهذا النبات هو الذرة. وهذا ما يُطلق عليه في موطنه الأصلي. كانت قبائل الهنود الأمريكيين تُبجّل هذا المحصول. وقد دفعها شكل بذوره الدائري ولونها الذهبي إلى الاعتقاد بأن الذرة ترمز إلى الشمس. وتُكرّس العديد من الاحتفالات في ثقافة الأمريكيين الأصليين لنبات الذرة.
نُثرت الحبوب بجانب تماثيل الآلهة، وصُوّرت على نقوش صخرية. بعد خبز الأرغفة، قُدّمت واحدة من كل دفعة قربانًا لمعبد الشمس. إذا دققتَ النظر، ستلاحظ أن بعض المعابد تشبه سنبلة ذرة في شكلها. لطالما روى الأمريكيون الأصليون أساطير عن الحبوب الذهبية. ووفقًا لإحدى الأساطير، تحوّلت فتاة جميلة، أشفقت على رفاقها من رجال القبيلة خلال عام من المجاعة، إلى سنبلة ذرة نحيلة ببذور ذهبية. تشبه المياسم خصلات شعر ذهبية.

اعتبرت قبائل عديدة الذرةَ وليدةً للشمس والقمر. وقد زُرعت هذه المحاصيل من قِبَل البشر منذ القدم. وخلال عمليات التنقيب في بيرو، عُثر على سنابل ذرة يعود تاريخها إلى مئات القرون في معبد قديم. ويعود تاريخ محصول الحبوب هذا إلى 55,000 عام، وهو أقدم اكتشاف معروف لغبار الذرة.
يبدأ التاريخ الحديث لهذا النبات في المكسيك، حيث استُخدمت بذور نباتات برية. كان ارتفاع جذوعه يصل إلى عدة أمتار، بينما كان حجم الكوز 50 مم فقط، وكانت مليئة بحبوب صغيرة.
الوصف البيولوجي
لقد ثبت أن الذرة هي حبوب، ولكن يمكن أيضًا تصنيفها بشكل مشروط على أنها فاكهة خلال الفترة التي تكون فيها البذور الموجودة على الكوز "حليبية" وحلوة.
يشير الوصف النباتي والبيولوجي إلى أن النبات يحتاج إلى حرارة عالية، ولكنه يتحمل أيضًا الصقيع الخفيف. تُزرع في الربيع، عندما تكون درجة حرارة التربة ٨ درجات مئوية على الأقل. ج. يمكن للبراعم المبكرة أن تتحمل التعرض القصير المدى لدرجات حرارة تصل إلى -5 ج. في نهاية موسم النمو، لا يستطيع النبات تحمل الصقيع؛ حتى الصقيع الطفيف يسبب ضررًا لكتلة نبات الذرة.

خلال فترات النمو السريع والإثمار، من المهم توفير إضاءة كافية للنبات. خلال فصلي الصيف والربيع الغائمين، لا يستطيع النبات امتصاص المعادن الكافية من التربة، ويبدأ المحصول السنوي بالتأخر في النمو. خلال الفترة الممتدة من بداية النمو وحتى ظهور الذرة، تُعد ظروف التربة ودرجة حرارتها في الحقل بالغة الأهمية.
الحرارة الشديدة خلال الإزهار الأولي للذرة تمنع التلقيح الذاتي، مما يؤدي إلى جفاف الأزهار المؤنثة على الكوز. الذرة أقل حساسية لرطوبة الهواء والتربة من الحبوب الأخرى. يبلغ استهلاك الماء ذروته خلال تكوين السنابل وامتلاء الحبة. في بداية نموها، لا تحتاج النبتة إلى الكثير من الماء.
ينتهي موسم نمو النبات، اعتمادًا على الصنف وفترة النضج، بعد 80-150 يومًا من الزراعة.
أنواع
في العهد السوفيتي، كانت الذرة تُلقب بـ"ملكة الحقول". استُخدمت بذورها على نطاق واسع في الصناعات الغذائية والطبية والعطور. ويكمن فضل المربين في أنهم، في فترة وجيزة، وبالاعتماد على البحث العلمي، حوّلوا نوعًا نباتيًا منخفض الغلة إلى محصول مُثمر، مُنتجين حصادًا وفيرًا من البذور الذهبية. وقد وصف علماء النبات 8 أنواع من هذا النبات، ولكن الأنواع المختلفة الموجودة في البرية لم تتم دراستها بعد.

تُستخدم عدة أنواع من الذرة في الزراعة:
- ذرة حلوة، حليبية، أو سكرية - هذه هي أسماء ربما أكثر أنواع الذرة شيوعًا. تؤكل الحبوب الصغيرة مسلوقة. يتميز هذا المحصول برائحة فريدة تُذكرنا بالذرة المسلوقة. يكون لون كوز الذرة مع حباته حليبيًا في البداية، ومع نمو الحبوب، يكتسب لونًا ذهبيًا ويصبح قشرته ولحمه خشنين. طور المربون معظم الأصناف والهجن من هذا النوع من الذرة. يُستخدم هذا النوع من الذرة، مثل البقوليات، في صناعة الأغذية.
- مُسنّن - يتميز هذا الصنف ببذوره الغنية الصفراء المائلة للذهبي. يُستخدم للتهجين مع أصناف أخرى لإنتاج أصناف عالية الغلة، مقاومة لتقلبات درجات الحرارة والظروف الجوية الأخرى. يمكن طهي الحبوب الصغيرة واستخدامها لاحقًا في صنع دقيق الذرة والنشا والكحول. تُستخدم الكتلة الخضراء من النباتات الصغيرة في صنع السيلاج لفصل الشتاء.
- تتميز أصناف الذرة الهندية أو الصوانية من هذا النوع بغلة وفيرة وفترة نضج حباتها أقصر. حباتها مستديرة وناعمة. تُزرع حبات هذا النوع من الذرة بألوان متنوعة، بما في ذلك بذور حمراء وصفراء وحتى سوداء. تحتوي الحبات على كميات كبيرة من النشا، ولكنها تُستخدم بشكل أساسي في صنع رقائق الذرة والجريتس.
- يتفق الخبراء على نوع الذرة المستخدم في صنع الدبس والدقيق: إنه صنف نشوي. يتميز الكوز بسمكه الصغير، وحبته الكبيرة، ولونه الأحمر أو الأبيض. يُشتق اسمه من نسبة النشا العالية في حباته. يتميز برقة وبر وطراوة، ويُستخدم في صناعة الأغذية. لا يُزرع هذا الصنف إلا في مناخات أمريكا الجنوبية والولايات المتحدة.
- الذرة الشمعية صنف بري من الذرة يُزرع في الحقول. إنتاجه منخفض جدًا. حباته مغطاة بمادة تشبه الشمع. قد تكون بذوره بيضاء أو صفراء، وغالبًا ما توجد أكواز ذات حبات حمراء صغيرة. هذا الصنف ناتج عن طفرة طبيعية في الذرة، وهو لا يتحمل المناخات الجافة أو الظروف الجوية القاسية. يُستورد هذا الصنف من الصين، حيث تنمو النباتات وتزدهر بشكل طبيعي. يستخدم الصينيون حبوبه في الطهي، وتتميز بعض أنواعه بنكهة غنية وراقية.
علم أصول الكلمات
بذور الذرة محصول ونوع فرعي من نباتات الحبوب. تُسمى في موطنها الأصلي "الذرة"، وهي كلمة مشتقة من إحدى اللغات الأصلية التي كان يتحدث بها سكان جزيرة هايتي القدماء. إلا أن هذا الاسم يختلف باختلاف اللهجات المستخدمة في مناطق مختلفة من أمريكا الجنوبية والمكسيك والولايات المتحدة.

لا يزال اسمٌ أمريكيٌّ أصليٌّ قديمٌ للحبوب باقيًا في أوروبا. كلمة "ذرة" مؤنثة، وقد وصل هذا الاسم إلى روسيا من المجر، ووصل إليها في أوائل القرن التاسع عشر. يُعتقد أن أصل الاسم يعود إلى المناطق الجنوبية. يدّعي الأوكرانيون أنهم مَن ابتكر الاسم. هناك نظرياتٌ عديدة، ولكن لا توجد إجابةٌ قاطعة.
في اللغة البلغارية، تُستخدم كلمة "كوكورياك"، بينما يُطلق عليها السلوفينيون اسم "كوكورياست"، وتعني "مجعد"، على الأرجح بسبب الوصمة الملتفة. تشير الأبحاث إلى أن اسم العائلة "كوكوروزا" مُشتق من الكلمة التركية "كوكوروز"، وتعني "ساق الذرة". وقد جلب الإسبان الذرة إلى القارة، لكن يُجادل الباحثون بأن المصطلح التركي للحبوب يعود أصله إلى اللغة واللهجات السلافية الجنوبية.
يزعم بعض الباحثين أن اسم المحصول مشتق من عبارة تُستخدم لوصف الماشية عند إطعامها بذور الذرة. في الرومانية، تُترجم كلمة "kukuruz" إلى "مخروط التنوب". ولا يُهمّ أصل الكلمة ولا لغتها بقدر أهمية انتشار الذرة عالميًا.

التأثير على الجسم
الكوز هو ثمرة نبات الذرة، ويحتوي على جميع العناصر الغذائية والمواد الطبية الموجودة في الحبوب. هذه الحبوب المشمسة غنية بالفيتامينات والمعادن. من حيث محتوى ونطاق الألياف والدهون النباتية والزيوت الأساسية، لا يوجد نبات آخر معروف يمكن مقارنته بالذرة.
تناول حبوب الحليب الصغيرة وتحضير أطباق متنوعة منها له تأثير مفيد على الجهاز الهضمي، إذ يساعد الجسم على التخلص من المواد الضارة والسموم. المعادن والفلزات التي تحتويها، مثل المنغنيز والحديد والكالسيوم والمغنيسيوم، لها تأثير مفيد على الجهاز القلبي الوعائي، وتُحسّن صحة الشعر والبشرة. كما أن محتواها العالي من فيتامينات أ، ج، ب، وهـ يُعزز المناعة وقدرة الجسم على مكافحة الأمراض.
من المهم تذكر أن الذرة، كغيرها من النباتات، ليست حلاً سحريًا لجميع الأمراض. فمكوناتها المفيدة لها تأثير وقائي أكبر على الجسم. ولمكافحة الأمراض، تُستخدم للحفاظ على الحيوية، بينما لا يمكن العلاج الأساسي إلا بالأدوية التي يصفها الطبيب.

تعتبر "ملكة الحقول" – الذرة – مفيدة بسبب محتوى 100 غرام من الحبوب:
- 67.5 جرام من الكربوهيدرات؛
- 10.3 جرام من البروتينات النباتية؛
- 4.9 جرام دهون.
يتراوح محتوى السعرات الحرارية في الذرة، حسب نوعها وصنفها، بين 88 و325 سعرة حرارية. يُعزز تناول حبوب الذرة بانتظام المناعة بشكل ملحوظ، ويُخفض مستوى الكوليسترول في الدم. ويُستخدم في التغذية الغذائية لعلاج ارتفاع ضغط الدم، والوذمة، وقرحة المعدة والاثني عشر.
على الرغم من المستويات العالية من السكريات الطبيعية، فإن أطباق الذرة والكيزان الصغيرة المسلوقة تعتبر آمنة لمرضى السكر.
خصائص منتجات الذرة تجعلها مناسبة لمن يعانون من زيادة الوزن. ومع ذلك، يُنصح أيضًا باستخدام بذور الذرة لزيادة الوزن. يساعد محتوى السيلينيوم العالي في الذرة على إبطاء شيخوخة الجلد، ولذلك يُستخدم النبات في مستحضرات التجميل. وتوصي وصفات الطب التقليدي باستخدامه لمكافحة الإسهال والدوسنتاريا.

كيفية الاختيار
لقد تعلمنا كيف تُفيد الذرة المزروعة والبرية. الآن، من المهم اختيار الكيزان وحبوب الذرة المناسبة. عند اختيار الكيزان الصغيرة للطهي، انتبه لعدة عوامل:
- يجب أن تكون الأوراق التي تغطي الكوز خضراء. لا يُنصح بشراء الذرة بأوراق صفراء جافة، فهذه الكوزات قُطفت منذ زمن طويل، وقد تكون حباتها قد فقدت عصارتها.
- لا يُنصح بشراء حبوب بدون أوراق. فقد تتساقط أوراقها بعد معالجتها بالمبيدات لحماية حبوب الذرة من الآفات والأمراض.
- المحاصيل المتضررة من الأمراض والحشرات تتأخر دائمًا في النمو. يجب ألا تحتوي الذرة المزروعة على أكواز أو حبات صغيرة. يُفضل ترك هذه المنتجات للبائعين، الذين يمكنهم تغذية مواشيهم بالحبوب المحملة بالمبيدات.
- يدل لون الحبات على شبابها. يبدو الكوز الصغير هكذا: بذوره بيضاء كالحليب بلمسة ذهبية. يُنتج الطهي طبقًا شهيًا بحبوب طرية وعصيرية. مع تقدم عمر الحبات، يصبح لونها ذهبيًا أكثر، مع مسحة صفراء غنية. تُستخدم هذه الحبوب في صنع الحبوب ومنتجات أخرى.
لا عجب أن تُلقب الذرة بالملكة. فالكيزان الصغيرة المسلوقة، وأطباق الحبوب المتنوعة، والمنتجات الطبية والتجميلية، كلها عوامل تُسهم في شعبيتها المستحقة بين المستهلكين والمزارعين.
الذرة في الطب
تُستخدم جميع أجزاء النبات تقريبًا في تحضير المستحضرات الطبية. تُستخدم سيقان النبات ومَياسم الكيزان في تحضير أدوية لأمراض الكبد والقنوات الصفراوية والمسالك البولية. ونظرًا لاحتوائه على نسبة عالية من العناصر الغذائية المختلفة، أنواع الذرة يتم استخدام مستحضرات فيتامين C (حمض الأسكوربيك) المصنوعة من الحبوب لدعم الجسم أثناء نزلات البرد والتهاب الحلق.

تساعد المستخلصات المعتمدة على الذرة على التخلص سريعًا من التهاب المرارة والتهاب القناة الصفراوية. حرير الذرة لها خصائص مُرقئة ضعيفة. تُستخدم الذرة كطبق جانبي في قوائم الطعام لمرضى تصلب الشرايين.
لا تقتصر فوائد هذا النبات على علاج الأعضاء الداخلية ومرض السكري فحسب، بل تُستخدم وصمات عرقه وأجزاء أخرى منه في صنع أقنعة مغذية ومجددة للبشرة.
فيديو - الخصائص المفيدة للثقافة
يمكنك معرفة المزيد ورؤية فوائد هذا المحصول الحبوبي اللذيذ عمليًا بمشاهدة الفيديو. بمشاهدته، يمكنك الحصول على معلومات شاملة عن المجالات الطبية التي تُستخدم فيها الذرة والأطباق التي تُستخدم فيها.
خاتمة
يناقش المقال مزايا الذرة، والجدل الدائر حول تصنيفها كخضار أو فاكهة. لعلّ كل بالغ يتذكر طفولته بكوز ذرة كبير مسلوق ببذور شهية وعصيرية تغمرها أشعة الشمس. إن لم يكن هناك من يعرف هذه الصورة، فربما وُلدوا ونشأوا في أقصى الشمال.












لم أتوقع يومًا أن يسأل أحد هذا السؤال. أعتقد أنه من الواضح بمجرد النظر إلى الذرة أنها تنتمي إلى فصيلة الحبوب. أزرعها منذ زمن طويل، ونأكلها مسلوقة ومعلبة.